ام العز الفارسي: أغتيال فريحة البركاوي… لماذا؟

اغسطس 3, 2014

حائرة ألملم اطراف الكلام، انسج شبكات حائرة من الاسئلة، تدور كلها حول؛ لماذا يغتالون فريحة البركاوى؟ لاصل لنتيجة من قتلها؟ لاطلب العدالة والقصاص من مجرم لوكان يعرف فريحة ما فعل فعلته، لوكانت له ذرة من انسانية وآدمية مافعل ذلك، لويخاف الله ما (طرطش) دماء فريحة، ولا اوجع قلب رجب الصبور، ولا افزع هند وهاجر وحمد في ظهر رمضان، ولا احزن قلب خالتي فتحية وبسمة الي ابد الابدين، ولا لون بالحزن ماتبقي من حياة رفيقات محتسبات سيبكين فريحة كلما آن آوان الحاجة لاياديها البيضاء ولابتسامتها الراضية وللمساتها الانسانية ولخفقات قلبها معنا حيثما كنا.

من حكم علي فريحة بالموت قتلا وغدرا ومخاتلة؟ سؤال حائر احاول عبره ان اجس نبض المواقف وتاريخ النضال المجتمعي لانسانة حملت وزر انسانيتها، فتحت قلبها للاخرين وتحملت من اجلهم متاعب لا حصر لها، فريحة التي اعرفها، الورقة والقلم ودقة الحسابات، مواعيد ومصاريف وواجبات مفهرسة ومنظمة من ابسط المواقف حينما تعن لنا رحلة ربيعية اواقساها حينما وجدت نفسها بمواقفها المتقدمة في اول مجلس تشريعي منتخب في بلادها التي حلمت بها بلادا تليق بامثال فريحة في المواضبة والوطنية والعمل الجاد.

فريحة التي اعرفها فريحة التي فقدتها فريحة التي اغتالتها يد الغدر وكانت غافلة عما يدبرون. امنت فريحة منذ بواكير شبابها بالعمل الجماعي المنظم وفي بداية دراستها الثانوية انخرطت في اتحاد الطلبة لتكتشف سريعا انها مؤسسة مؤطرة لتبجيل النظام فسارعت للفكاك، خاصة وانها قد عرفت العمل بروح الفريق عبر مؤسسة الكشاف التي برزت فيها كقائدة مافرطت يوما في مبادئها.

يعرف اصدقاء فريحة ومعارفها قدراتها الفذة علي الاثرة والعطاء الامحدود ثقافة وفلسفة اعتنقتها وعملت بموجبها حتي لحظاتها الاخيرة، اذا تؤكد شاهدة عيان ان فريحة فتحت لها الباب لتمنحها صدقة، فاذا بغادر ينادي (يا فريحة) وحين التفتت له باسمة بادرها باطلاقات اودت بحياتها قبل ان تصل مستشفي البيضاء الذي باتت فيها ليلة وداعها لدنيانا الفانية.

لم تخش فريحة بطش نظام القذافي ولا لجانه الثورية، ولا مطارداتهم لنا في الجامعة بعد احداث القبض علي (خلية الادباء والكتاب) ليل 26/12/1978 الاسود، وكما يسمونها في الحصان الاسود، كنت مدانة في تلك القضية وكانت فريحة وصديقاتنا المقربات لصيقات بي، برغم التهديد بالفصل والاعتقال والحرمان من السفر لسنوات عانت فيها صديقاتي وفريحة ابرزهن، ورغم ذلك كان دعمها لي انسانيا واخويا وماديا ومعنويا يفوق الوصف، خاصة بعد ان تم طردهن من العمل بشركة الخليج اثر قرار عمر اشكال بابعاد الرجعيين من الشركة، وكان ذلك بداية لرحلة عمل جديدة حيث التحقت بالعمل في الهلال الاحمر الليبي وكنت قد سبقتها اليه بسنوات، بعد ما يسمي بـ “اصبح الصبح” في مارس 1988.

تعرفت فريحة عبر دائرة حياتنا التي اتسع فيها الامل باطلاق سراح سجناء الراى؛ علي المناضل الصديق رجب الهنيد، والذي عرفت عن مواقفه الوطنية والنضالية الكثير من خلال متابعتها الدائمة لاخبار الاصدقاء في سجن الحصان الاسود وبوسليم.

انتقلت فريحة للعيش مع رجب في درنة التي احبتها واحبت اهلها وتحولت الي شعلة من النشاط المجتمعي والكشفي والهلالي، وكونت شبكات من مريدين شباب امنوا بعطائها وبذلها ولن ينسى اهل درنة كم بذلت فريحة من وقتها ونشاطها وكيف انخرطت في المدينة وكانها قطعة منها.

لم ينسيها دورها كام ومربية وناشطة مجتمعية أن تسارع بالعمل السياسي حال سقوط نظام القذافي، وكان إن أنضمت للتيار الوطني الديمقراطي الذي بداءات نواته في القاهرة قبيل التحرير، وبداء ينموفي بنغازي وتاسست له فروع في مدن اخري كانت درنة احدها، وكانت فريحة علي راس مؤسسيه، ومن ثم انصهر التيار في تحالف القوى الوطنية، الذي اعتمد فريحة في قائمته الانتخابية عن درنة، وكان فوزها مع زملائها عن التحالف ووصولهم الي المؤتمر الوطني اول سلطة تشريعية منتخبة لليبيا.

اسهام تاريخي ووطني اضافت له فريحة وما اضاف لها الا التعب والابتعاد عن اسرتها واللوم الذي طال اعضائه نتيجة تدني مستوى اداء الاعضاء وانجرارهم وراء التكتلات التي لم تخدم الاهداف المعلنة لثورة فبراير بل كانت نقمة عليها.

استمرت فريحة طيلة عامين في العمل مع المؤتمر ونشطت في اللجنة المالية وساهمت في دعم المواطن وخاصة ذوي الدخل المحدود وكانت احوال درنة وما الت اليه ظروفها علي قائمة اولويات فريحة، زد علي ذلك ضرورة خلق كتلة تعبر عن المراة في المؤتمر، ثم تطورت الاحداث والتجاذبات مما حدا بفريحة الي ان تقدم استقالتها من المؤتمر في 7/2/2014، ايمانا منها بان التمديد للمؤتمر مجرد اضاعة للوقت اذ فشل في اداء مهامه المعلنة والمحددة بالاعلان الدستوري ولن يجدي تمديد فترة قصيرة بل سيكون سببا في مزيد من الاحتقان… وكان لها ذلك وخرجت من المؤتمر غير طامعة في جاه اومكاسب اذا رفضتها فلم تقبل بمنحة السيارة 45.000 دينار، ولم تقبل يالعمرة ولا بالحج ولا بالايفاد في المهام مسببة موقفها بان وضعية البلاد وحالة الاهدار للمال العام التي كانت شاهدا عليها لن تكون طرفا فيها، كما ان اخرين من ذوى الشهداء، وفقراء ليبيا احق بها.

عادت فريحة الي درنة الي مدرستها والي نشاطها، وكان شهر رمضان فرصة لعمل الخير واستزادة الاجر والثواب، فعبر الاتحاد النسائي الذي بادرت الي تاسيسيه وعبر الكشاف والهلال الاحمر عملت فريحة بلا كلل علي تسيير موائد الرحمن وتزويد المحرومين والمعدمين بما يحتاجون كما هي عادتها… وهي اغتالتها يد الغدر كانت في طريقها بعدة مائدة الرحمن وبسيارتها وضعت مستلزمات فطور عابري السبيل، وقتلت وهي تمد يدها المعطاء بما تجود به من خير، فكيف لقاتلها ان يقابل وجه الله. غفر الله لها ورحمها واستبدل فقدها بصبر جميل لمحبيها.

ام العز الفارسي